فصل: الشاهد الخمسون بعد الثلاثمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.استلحام الخطا.

قد تقدم لنا وصول طائفة من أمم الترك إلى بلاد تركستان وكاشغر وانتشارهم فيما وراء النهر واستخدموا للملوك الخانية أصحاب تركستان وكان أرسلان خان محمد بن سليمان ينزلهم مسالح على الريف فيما بينه وبين الصين ولهم على ذلك الاقطاعات والجرايات وكان يعاقبهم على ما يقع منهم من الفساد والعيث في البلاد ويوقع بهم ففروا من بلاده وابتغوا عنه فسيحا من الأرض ونزلوا بلاد ساغون ثم خرج كوخان ملك الترك الاعظم من الصين سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة فسارت إليه أمم الخطا ولقيهم الخان محمود بن محمد بن سليمان بن داود بفراخان وهو ابن أخت السلطان سنجر فهزموه وبعث بالصريخ إلى خاله سنجر فاستنفر ملوك خراسان وعساكر المسلمين وعبر جيحون للقائهم في صفر سنة ست وثلاثين ولقيه وأمم الترك والخطا فهزموه واثخنوا في المسلمين وأسرت زوجة السلطان سنجر ثم أطلقها كوخان بعد ذلك وملك الترك بلاد ما وراء النهر ثم مات كوخان ملكهم سنة سبع وثلاثين ووليت بعده ابنته وماتت قريبا وملكت من بعدها أمها زوجة كوخان وابنه محمد ثم انقرض ملكهم واستولى الخطا على ما وراء النهر إلى آن غلبهم عليه خوارزم شاه علاء الدين محمد بن تكش كما قدمنا وكانت قد خرجت قبل ذلك خارجة عظيمة من الترك يعرفون بالتتر ونزلوا في حدود الصين وراء تركستان وكان ملكهم كشلى خان ووقع بينه وبين الخطا من العداوة والحروب ما يقع بين الأمم المتجاورة فلما بلغهم ما فعله خوارزم شاه بالخطا أرادوا الانتقام منهم وزحف كشلى في أمم التتر إلى الخطا لينتهز الفرصة فيهم فبعث الخطا إلى خوارزم شاه يتلطفون له ويسألونه النصر من عدوهم قبل أن يستحكم أمرهم وتضيق عنه قدرته وقدرتهم وبعث إليه كشلى يغريه بهم وأن يتركه وإياهم ويحلف له على مسالمة بلاده فسار خوارزم شاه يوهم كل واحد من الفريقين أنه له وأقام منتبذا عنهما حتى تواقعوا وانهزم الخطا فمال مع التتر عليهم واستلحموهم في كل وجه ولم ينج منهم إلا القليل فتحصنوا بين جبال في نواحي تركستان وقليل آخرون لحقوا بخوارزم شاه كانوا معه وبعث خوارزم شاه إلى كشلى خان ملك التتر يعتد عليه بهزيمة الخطا وأنها إنما كانت بمظاهرته فأظهر له الاعتراف وشكره ثم نازعه في بلادهم وأملاكهم وسار لحربهم ثم علم أنه لا طاقة له بهم فمكث يراوغهم على اللقاء كشلى خان يعذ له في ذلك وهو يغلطه واستولى كشلى خان خلال ذلك على كاشغر وبلاد تركستان وساغون ثم عمد خوارزم شاه إلى الشاش وفرغانة واسحان وكاشان وما حولها من المدن التي لم يكن في بلاد الله انزه منها ولا أحسن عمارة فجلا أهلها إلى بلاد الإسلام وخرب جميعها خوفا أن يملكها التتر ثم اختلف التتر بعد ذلك وخرج على كشلى طائفة أخرى منهم يعرفون بالمغل وملكهم جنكزخان فشغل كشلى خان بحر بهم عن خوارزم شاه فعبر النهر إلى خراسان وترك خوارزم شاه إلى أن كان من أمره ما نذكره والله تعالى أعلم.

.استيلاء خوارزم شاه على كرمان ومكران والسند.

قد تقدم لنا أنه كان من جملة أمراء خوارزم شاه تكش تاج الدين أبو بكر وأنه كان كريا للدواب ثم ترقت به الاحوال إلى أن صار سروان لتكش والسروان مقدم الجهاد ثم تقدم عنده لجلده وامانته وصار أمير وولاه قلعة زوزن ثم تقدم عند علاء الدين محمد بن تكش واختصه فأشار عليه بطلب بلاد كرمان لما كانت مجاورة لوطنه فبعث معه عسكرا وسار إلى كرمان سنة اثنتي عشرة وصاحبها يومئذ محمد بن حرب أبي الفضل الذي كان صاحب سجستان أيام السلطان سنجر فغلبه على بلاده وملكها ثم سار إلى كرمان وملكها كلها إلى السند من نواحي كابل وسار إلى هرمز من مدن فارس بساحل البحر واسم صاحبها مكيك فأطاعه وخطب لخوارزم شاه وضمن مالا يحمله وخطب له بقلعات وبعض عمان من وراء النهر لأنهم كانوا يتقربون إلى صاحب هرمز بالطاعة وتسير سفنهم بالتجار إلى هرمز لانه المرسى العظيم الذي تسافر إليه التجار من الهند والصين وكان بين صاحب هرمز وصاحب كيش مغاورات وفتن وكل واحد منهما ينهى مراكب بلاده أن ترسي ببلاد الآخر وكان خوارزم شاه يطيف بنواحي سمرقند خشية أن يقصد التتر أصحاب كشلى خان بلاده.

.استيلاء خوارزم شاه على غزنة وأعمالها.

ولما استولى خوارزم شاه محمد بن تكش على بلاد خراسان وملك باميان وغيرها وبعث تاج الدين المرز صاحب غزنة وقد تغلب عليها بعد ملوك الغورية وقد تقدم في أخبار دولتهم فبعث إليه في الخطبة له وأشار عليه كبير دولته قطلغ تكين مولى شهاب الدين الغوري وسائر أصحابه بالاجابة إلى ذلك فخطب له ونقش السكة باسمه وسار قنصيرا وترك قطلغ تكين بغزنة نائبا عنه فبعث قطلغ تكين لخوارزم شاه يستدعيه فأغذ له السير وملك غزنة وقلعتها وقتل الغورية الذين وجدوا بها خصوصا الاتراك وبلغ الخبر المرز فهرب إلى أساون ثم أحضر خوارزم شاه قطلغ ووبخه على قلة وفائه لصاحبه وصادره على ثلاثين حملا من أصناف الاموال والامتعة وأربعمائة مملوك ثم قتله وعاد إلى خوارزم وذلك سنة ثلاث عشرة وستمائة وقيل سنة اثنتي عشرة بعد أن استخلف عليها ابنه جلال الدين منكبرس والله أعلم بغيبه وأحكم.